Wednesday, February 20, 2008

قصة قصيره
تسبيحات شيطان
انا رجل فى السبعين من عمرى ..
عهدت نفسى طوال حياتى صابرا .. كان الصبر – وما زال – اهم ملمح وابرز علامة لشخصيتى .. واحقاقا للحق ، فلم تنمو داخلى تلك الميزة من مثابرة منى او حسن تدبير الا انها كانت هبة من الله ومنحة فاضلة لا تستحق منى الا ان اكون عبدا شكورا حامدا الله على رزقه وعظيم نعمته .
ولم تنشأ داخلى تلك الخصلة فجأة ، او فى مرحلة عمرية معينة ، الا انها وجدت معى منذ طفولتى ومع سنينى الأولى على تلك الدنيا .
فكيف انسى وانا مازلت طفلا فى السادسة من عمره ، اختلف مع اختى الصغيرة – رحمها الله – فأحرق عرائسها انتقاما لنفسى .. لتبكى هى لأبى ، ويأتى هو ليوجعنى بقبيح الألفاظ ناعتا تصرفاتى بالحماقة .. ورغم ما كان يخلف ذك داخلى من ألم ، الا انى .. صبرت .
وكيف انسى ذلك العصفور الذى اتى به ابى وانا فى نحو الثامنة من عمرى تقريبا ، ليحظى باهتمام اسرتى وعنايتها .. الا انه كان بالنسبه لى ليس الا مجرد شىء مزعج يوقظنى كل يوم من نومى بزقزقته اللعينة التى هى عندى نباحا وانكر الأصوات .. ولهذا فقد قررت باحسانى ونبل اخلاقى ان اخلصه من محبسه فى قفصه واطلق سراحه عند بارئه يرفرف فى جناته مختالا فرحا .. فسكبت عليه قليلا من الجاز ، وبعود ثقاب واحد انهيت المسألة .. ليأتى ابى ويقف مشدوها امام منظره ويوجعنى بعدها ضربا وسبابا .. الا انى احتملت كل ذلك .. وصبرت .
عى هذا المنوال عشت حياتى .. ومن اشباه هذه المواقف واجهت الكثير فى اطوار عمرى من طفولة وصبا وشباب .. حتى انى عندما نويت الزواج واخترت شريكة حياتى .. قمت بفحوصات طبية قبل الارتباط لأكتشف عدم قدرتى على الانجاب .. لكنى اخفيت ذلك عنها وتزوجتها حتى لا يشاركنى احد فى ثواب الصبر والاحتساب .
وبدأت حياتى الوظيفيه تاجرا يحبو نحو النجاح .. هازما الصعاب مروضا للظروف حتى امن الله عليا بالفلاح لأصبح من اهم التجار فى السوق ، ليس لى الا منافسا واحدا ، وفقنى الله لقتله .. فلم يكن يصلى ، ولا يستحق امثال هذا الا القتل او ما هو اشد وطأ .. ورغم كل ما اثير حولى من اقاويل ، ورغم كل الشبهات التى مستنى الا انى كنت جلدا متيقننا من نبل اغراضى .. فتخطيت كل ذلك .. وصبرت .
والان بعد ان مرت بى السنون ووصل العمر الى ارذله .. انهيت كل تجاراتى واوقفت كل اعمالى ، فلم تعد الصحة كما كانت ولم تعد النفس تشتاق للعمل كسابق عهدها .. وبما انى لا املك صديقا او حبيبا يؤنس وحدتى – ولا اريد – فقد اتجهت لشغل فراغى بتربيه القطط .. اهتم بها وأرعاها حتى تعتادنى واعتادها واشعر انها اخت حيزا من قلبى ، وهنا تصدمنى الحقيقة .. فقد شارك الله فى الفؤاد شريك .. ولا استطيع ان احتمل عذاب ضميرى وخوفى من عقاب الجبار ، فأقوم بسلخ جلد القطة وهى حية تسعى اسمع مواء اقرب الى الصراخ ، واحتمل حتى يقبل الله توبتى ويغفر لى .. ثم اضعها فى ماء يغلى لتلفظ انفاسها الأخيرة امام عينى وانا متجلدا حابسا الامى محتسبا اجرى عند الله .. ثم امزق بطنها واخرج احشائها واتركها على حالتها بعد ان اغلق الغرفه عليها .. لأتى بعد يوم او يزيد فأفتح الغرفة واجلس وسط تلك الرائحة العفنة اشتمها ولا تهتز لى شعره او تأخذنى شفقة فقد اغضبت الله ، ومن اجل ان يقبل توبتى عانيت ما عانيت .. وصبرت .
posted by استراحة محمد at 6:11 AM

1 Comments:

القصة دي و الله بدون أي مجاملات من أحلى القصص القصيرة اللي قرأتها في حياتي .. لأنها بمنتهى البساطه بتنقل التفكير السائد الأيام دي .. بغض النظر عن مدى سيطرته على عقل اللي بيفكر بيه .. لكن في النهايه هو موجود .. محدش في جانب الشر , ديما احنا صح و صابرين على "الاخر" لحد ما يعمل اللي احنا عايزينه أو لحد ما نتخلص منه .. و ساعتها برضه احنا صح لأننا خلصنا العالم من شروره !.. عمرك أبدا ما تتكلم ما حد و يطلع نفسه غلط أو يعترف انه ظلم حد .. كلنا ضحايا و كلنا مظلومين و كلنا زي بطل القصة .. صابرين , من الاخر كده قصة رائعة

February 20, 2008 at 4:06 PM  

Post a Comment

<< Home