Saturday, March 1, 2008

حكاية طفل


أطفئت الأم الأنوار وأغلقت باب الحجرة على طفلها ذو الست سنوات ، ليصبح وحيدا في الظلام .
كانت هذه أول ليلة يبيتها وحيدا بعد أن قرر أبواه انه أصبح كبيرا ويجب إن ينام في غرفة مستقلة .
لم يستطع الطفل إن يغلق عينيه ويستسلم للنوم ، كاد الخوف أن يقتله إلا انه لم يستطع الصراخ ، كان يفهم أن من بالخارج لن يعترف بخوفه من المجهول ، لابد إن يكون شيئا محددا واضحا أخافه حتى يقتنع والديه .
مر وقت طويل والنوم لا يريد أبدا إن يتسلل إلى عينيه ، الخوف برد أطرافه وحفز حواسه حتى انه شعر بتلك الهمسات بالخارج ، كان هناك احدهم يتحدث مع أخر بصوت منخفض تماما ، بقليل من التركيز استطاع أن يميز أن هذان الصوتان ليس لوالديه ، اقشعر بدنه وارتجفت أعضائه ، وكاد الرعب أن يقتله ، خاصة بعد أن سمع صياح أبويه بالخارج وأصوات رصاص ، لابد أن يهرب، فاللصوص قادمون لا محالة ، أخيرا وجد لبياته وحيدا فائدة ، فقد كان مصيره الموت الآن مثل أبويه لو كان معهم في نفس الغرفة ، اتجه بسرعة إلى الشرفة الخاصة بغرفته هو ينظر خلفه خشية أن ينقض عليه اللصوص ، نظر إلى الأرض فوجد الارتفاع شاهقا ، هو يسكن في الطابق الرابع والأرض بعيده ولن يستطيع القفز ، إلا انه توصل في النهاية أن يقفز إلى الشرفة المواجهة لشرفته ، حيث منزل جارهم الأستاذ فاضل ، المسافة ليست بعيدة ويمكن أن يستطيع قفزها ، نظر نظرة أخيرة إلى باب غرفته وحمد الله أن أحدا لم يدخل حتى الآن ، ثم اخذ نفسا عميقا وسعادة واضحة ترتسم على وجهه لأنه سيصبح الناجي الوحيد من اللصوص و .. قفز .
لم يستطع الوصول إلى هدفه ، خانته المسافة بين الشرفتين ولم يقدر ان يصل بجسمه إلى الشرفة الأخرى ، ليجد نفسه فجأة يسقط من الطابق الرابع والأرض تقترب أمام عينيه ولا يستطيع أن يفعل شيئا لينقذ نفسه هذه المرة .
نظر بعينيه إلى أعلى بعد أن ارتطم بالأرض وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ليجد أبويه في شرفته ينظرون إليه والهلع واضح في أعينهم .
كان آخر ما سمعه صوت أمه وهى تهتف بأسمه في صدمة ، ثم أغمض عينيه في هدوء واستسلم للموت كما استسلم لخوفه .
posted by استراحة محمد at 9:11 AM

6 Comments:

الحكايه دى بتفكرنى بواحد صحبى حصلتله نفس القصه دى بس ربنا سترها وموقعش فى المسقط

March 1, 2008 at 1:29 PM  

قصة جامده انت عارف رأيي فيها من زمان أوي .. تقريبا انت كاتب القصه دي من أيام ثانوي ؟؟
بس عندي ملاحظه و احده
الجمله دي
"وسعادة واضحة ترتسم على وجهه لأنه سيصبح الناجي الوحيد من اللصوص "
ملهاش أي لازمه .. مش مقتنع بيها خالص وسط الرعب اللي هو في ده .. مينفعش حتى لو غصب عنه , المفروض يكون بيعيط مثلا ؟؟

March 3, 2008 at 1:26 AM  

دى حاجة كويسه والله انى اكتب حاجة من خيالى وبعدين الاقى انها حصلت لحد فعلا .. شكرا على زيارتك يا ابو حميد
بالنسبه ليك يا بروفيسور سليكون ، ممكن يكون كلامك صح ، بس انا كنت حاسس وانا بكتب الشخصية قدامى وهى بتبتسم .. كنت شايفها كده

March 3, 2008 at 9:13 AM  

القصه دى كيفتنى اوى..لانى بعيش نفس القصه بالظبط ..مع انى كبرت..بس انا بحمد ربنا انى مبحبسش خوفى جوايا..لان لو حبسته كان زمان القصه دى قصه نزلتها وكتيت عليها ..حدث بلفعل..فى النهايه..شكرا استاذى العزيز..

March 4, 2008 at 12:10 AM  

اوعى يكون الشخص اللي أصدك عليه ده هو اللي انا بفكر فيه يا بو حميد ؟؟؟

March 4, 2008 at 9:08 AM  

القصة فعلا رائعة بس نهايتها صدمتنى كان لازم تموته كنت خليه يصحى من حلم او حتى يوصل لبلكونة جاره انا كده هعيط عليه

عارف لما اقرالك شىء مش بفرقو عن اى كاتب كبير قريتله
انا متاكدة ان يوم من الايام هاقرأ كتاب من تأليفك

لك تحياتى

April 2, 2008 at 8:10 PM  

Post a Comment

<< Home