Monday, March 3, 2008

بيت العز يا بيتنا


حدث هذا وأنا في الحادية عشر من عمري ، قررت أن اترك المنزل ولا أعود أبدا بعد أن ارتكبت خطأ فادحا توقعت له عقابا قاسيا من أبى ، لا أدرى ما الذي جعلني أفكر هكذا حينها ، إلا انى بالفعل أخذت دراجتي وانطلقت بها من المنزل في سعادة شديدة وإحساس بالحرية بعد أن فقدت الرقيب على افعالى ، فلن يسألني احد لماذا تأخرت وأين كنت ، وأخذت أدور في شوارع مدينتي منطلقا بلا هدف وكان هذا من أسرار سعادتي فقد اعتدت أن أتحرك بهدف ، وقتها ندمت بشدة على أنى لم أفكر في ترك المنزل منذ زمن ، بغباء أضعت وقتا طويلا متحملا قيود المنزل وأوامر أولى الأمر ، كان يجب أن يكون قراري أسرع من هذا ، كان هذا هو ما شغل تفكيري حينها حتى قادني الطريق إلى مجموعة أولاد يلعبون الكرة ، نزلت من على دراجتي وقررت أن اشترك معهم ، وكانت هذه أفضل مرة لمست فيها قدمي الكرة في حياتي ، انطبعت سعادتي واعتدال مزاجي على ادائى في الملعب ، وظللت منطلقا بلا تعب ولا توقف حتى أتى المغرب وتوقف اللعب وعاد كل إلى منزله بعد إعياء اللعب وأنا انظر إليهم في حسد، أما أنا فقد جلست بجانب دراجتي لا أدرى ماذا افعل ، تملكني الجوع وإرهاق يوم طويل قضيته دائرا دون راحة ، إلا أنى في النهاية ركبت دراجتي في اتجاه منزلنا طالبا الأمان ، وعلى الرغم من عقاب أبى القاسي الذي نلته بعد عودتي ، إلا أنى شعرت بسعادة الدنيا وأنا ممدد في فراشي بسلام .
كنت عائدا من المصيف مع صديقي ، كان الجو حار جدا والقطار بطيء بشكل ممل والعرق تغرق فيه الأبدان ، حتى أن صديقي نام من شدة الإرهاق ، أما أنا فنظرت من شباك القطار وشردت متخيلا نفسي في منزلنا اخذ حمامي والمياه الباردة تتسابق على جسدي مزيلة إرهاق السفر ، ثم أغير ملابسي واقفز على سريري فاردا قدماي ممدا في استرخاء لذيذ حتى أغوص في نوم عميق .
تذكرت هذان الموقفان وغيرهما وأنا عائدا إلى بيتي وشعرت أنى اعشق ذلك المنزل حقا ، ازداد إيمانا كلما كبرت بأفضاله واعترافا بأني مدين له بالكثير ، والكثير جدا .
posted by استراحة محمد at 9:38 AM

4 Comments:

موضوع جميل جدا ..انا برضه مبحسش براحه فعلا غير فى بتنا ..مع انى سفرت كتير ..بس فعلا محدش يحس بقيمة بيته غير لما اسيبه..حقا بيت العز يا بتنا..فى النهايه.. شكرا استاذى العزيز..

March 3, 2008 at 11:59 PM  

فعلا مهما اتضايقنا وزعلنا مفيش أحسن من حضن الأهل ولمتهم. ودفء البيت بيتك ومش بيت أي حد تاني مهما كانت قوة العلاقة بين الاصدقاء أو خلافه. اوعى تعملها تاني وتسيب البيت. وشكرا على تعليقك في مدونتي.

March 4, 2008 at 2:28 PM  

انا فعلا اتعلمت انى مش اعمل كده تانى يا اميرة .. ويا مراحب بيكى فى مدونتى المتواضعة

March 5, 2008 at 7:05 AM  

أنا بحس الكلام اللي انت عايز تقوله في موضوعك ده بشكل أوسع و أنا راجع من سفر في أي مكان .. و بسمع أي حد بينادي "فاقوس .. فاقوس" و مع انها من أعفن البلاد في العالم , الا اني بحس ان الراجل بينادي على الجنة .. كذلك البيت .. بالرغم من كتر الاختلافات و النزاعات , و بالرغم انه مش أحسن بيت في العالم .. الا ان لحظة بين حيطان اوضتي اللي عليها بقايا صور متقطعه و كام لوحة قديمة .. أحلى من الجنة !

March 9, 2008 at 8:52 AM  

Post a Comment

<< Home